نظام الحكم الرئاسي… الطريق نحو إنقاذ العراق من الفوضى

مقال/ سعد المالكي
من يتأمل تاريخ العراق السياسي الحديث، يدرك أن ما يعيشه البلد اليوم من أزمات متراكمة وفوضى متجددة لا يمكن الخروج منه إلا من خلال إعادة نظام الحكم الرئاسي بصلاحيات كاملة، تُمكِّن الدولة من فرض القانون وبناء مؤسسات قوية غير خاضعة لابتزاز الأحزاب ونفوذ المليشيات.
فمنذ أكثر من عشرين عامًا، والعراق يدور في حلقة مفرغة من الفساد، وسوء الإدارة، وتغوّل الأحزاب على مؤسسات الدولة، حتى باتت المناصب تباع وتشترى، والولاء يُقاس بالمكاسب لا بالكفاءة. لا خدمات تليق بالمواطن، ولا أمن مستقر، ولا اقتصاد قادر على النهوض، لأن القرار الحقيقي لم يعد بيد الحكومة، بل أصبح موزعًا بين مكاتب الأحزاب وقادة الفصائل الذين يتحكمون بالمنافذ والموانئ والعقود والمشاريع.
إن الموظف الشريف اليوم يخشى على حياته إن حاول كشف صفقة فساد تخص حزبًا أو جهة متنفذة، فكيف يمكن بناء دولة في ظل هذا الخوف؟ وكيف يمكن للنزاهة أو القضاء أن يؤدي دوره فيما الأيادي السياسية تمتد فوق الجميع؟
أما على الصعيد الخارجي، فإن غياب القرار الوطني المستقل جعل العراق ساحة مفتوحة للتجاذبات بين الشرق والغرب، في وقت تُقطع فيه المياه من قبل تركيا وإيران دون أي موقف حازم أو رد وطني يليق بسيادة بلد مثل العراق.
من هنا، فإن الحل الحقيقي لا يكمن في تبديل الوجوه أو تدوير المناصب، بل في تغيير النظام السياسي نفسه نحو نظام رئاسي قوي يمتلك قرارًا وطنيًا موحدًا، ويستند إلى دستور واضح يحد من نفوذ الأحزاب، ويمنح الرئيس صلاحيات تمكنه من محاسبة الجميع دون خوف أو تردد.
إن العراق بحاجة اليوم إلى رجل دولة لا رجل حزب، وإلى قرار وطني واحد لا قرارات متناقضة، حتى يستعيد مكانته وهيبته ويخرج من نفق الفوضى الذي طال أمده.
فلا إصلاح حقيقي دون قوة تنفيذية حازمة، ولا دولة حقيقية دون نظام رئاسي يعيد للعراق سيادته وكرامته .




